حاولنا معرفة الأسباب التي تحول دون توفّر هذه المرافق، فكان من بينها – حسب المواطنين - خوف الشباب من ولوج عالم الاستثمار وفتح المحلات الكبيرة، وهذا مما تشجع عليه الدولة الجزائرية في إطار سياسة تشغيل الشباب والقضاء على البطالة، إلا أن هاجس الخسارة في التجارة أو مجرّد المحاولة بات كابوس معظم الشباب خاصة من لا يملكون رأس المال من أجل بداية المشروع ويرفضون القروض التي يصفونها بالربوية.
سبب آخر وراء انعدام المرافق الترفيهية هو ضعف أداء المؤسسات المعنية برفع وتيرة التنمية في البلدة، وعلى رأسها مصالح البلدية، حيث يُجمع سكان هذه البلدة على أن هذه العُهدة من 2012 إلى 2015 وما بقي منها تعتبر الأضعف في تاريخ التسيير البلدي من ناحية التوظيف والتكفل بانشغالات الشباب خاصة، وكذا تأسيس مرافق عمومية وترفيهية جديدة على غرار تهيئة الملعب البلدي بالعشب الاصطناعي كما ذكرنا ذلك في مقالاتنا السابقة.
حاولنا التعمق أكثر و محاورة مجموعة من الشباب عن المطالب الرئيسية التي يوجهونها للمسؤولين فكانت الإجابة تتمحور حول قاعات الرياضة بأنواعها، الكرة الطائرة، كرة اليد، كرة السلة وألعاب القوى، حيث لا تتواجد هذه المرافق إلا في بعض المدارس ويقتصر النشاط فيها على التلاميذ فقط، فيما يبقى شباب الأحياء ينتظرون الفرج – كما عبّر عن ذلك أحدهم – بأن يبدأ مشروعٌ جادّ لأحد الخواص.
لقد أدى غياب هذه المرافق وبشكل كبير إلى استفحال ظاهرة العنف لدى فئة الأطفال، إذ يتمركز نشاطهم أوقات الفراغ في الساحات العمومية دون مراقبة ولا توجيه من أحد، ولو توفرت المرافق الترفيهية بمؤطريها لكان النشاط منظما ولأسهَم في ترويض تصرفات هؤلاء الأطفال.
من جانب آخر فقد استفحلت ظاهرة الادمان على المخدرات كبديل عن النشاط الجسدي المفيد، فعوض أن يقضي الشباب أوقاتهم في تلك المرافق فإنهم أصبحوا يتوافدون على الحلقات الليلية المشبوهة، وفي إحصائية لإحدى الجمعيات المهتمة بالجانب الاجتماعي في البلدة فإن واحدا من كل عشرة شباب ما بين سن الــ 15 و 30 سنة يعتنقون عالم المخدرات أسبوعيا بسبب الفراغ وانعدام النشاطات الترفيهية، ويخشى المهتمون بالشأن الاجتماعي في البلدة من أئمة ومرشدين أن تنتشر هذه الظاهرة كالنار في الهشيم بسبب هذا الفراغ الرهيب .
بعد جمع بعض المعلومات قصدنا إحدى العائلات التي انحرف أحد ابنائها، فهذه أمّ أحمد صرّحت بكون السبب وراء انحراف ابنها هو جلوسه الدائم بالقرب من البيت وحيدا بعد الصراعات التي نشبت بينه وبين أصدقائه في وقت سابق، وهذا لعدم توفر أماكن الترفيه فضلا عن قلة مناصب الشغل. والأمر نفسه بالنسبة لمحمد، الشاب الذي كاد يفقد حياته بسبب عراك مع أحد الأصدقاء بواسطة السكين، حيث جرح على مستوى الكتف، وكان ذلك العراك بسبب خلاف بينه وبين شباب احتلوا الملعب الترابي الذي كان "محمد" ورفاقه يرتادونه، ما يدل على أن السبب الرئيس في كل هذه المشاكل هو قلة المرافق الترفيهية التي تقلل من النشاطات السلبية لدى فئة لشباب.
هذا ويبقى المطلب الأساسي لشباب بلدة عمر هو مرافق ترفيهية تملأ أوقات فراغهم، خاصة قاعات كمال الأجسام التي أصبحت تشهد شهرة كبيرة في العديد من ولايات الوطن وأصبح التسابق إليها كبيرا بالنظر إلى الفائدة التي تحققها لهذه الفئة، لتبقى بلدة عمر تتذيل الركب في مجال تهيئة المرافق الترفيهية التي يرى هؤلاء الشباب أنها ضرورة وليست من الكماليات.