لكن بالمقابل اتخذت بعض القابلات من هذا "الرجوع إلى الأصل" وسيلة للربح السريع حيث تعرض البعض منهن خدماتهن مقابل مبلغ لا يقل عن 40 ألف دينار حيث تمارس هذا العمل في أوقات الراحة أو خارج أوقات العمل مستغلة بذلك الوضع المادي المريح للبعض منهن للكسب الوفير.
لكن يبقى الخطر الوحيد الذي تخشاه النساء الحوامل و الطبيبات القابلات المتعلق بالمخاطر و المضاعفات الصحية التي قد تحدث أثناء الولادة ، ولهذا تلجأ العديد من القابلات إلى المطالبة بالملف الطبي لتجنب حدوث أي مكروه للأم أو المولود الجديد لا سيما و أنه تم تسجيل العديد من الوفيات جراء مضاعفات الولادة في البيوت و حتى في المصحات الخاصة.
كما توجد فئة من النساء الحوامل اللواتي تضطر للولادة في البيت بسبب ظروف قاهرة أو لتعذر تنقلهن إلى المستشفيات والعيادات الطبية.
وتقول السيدة "باية. ث" (قابلة بمستشفى حسين داي) أنها " تضطر، من حين لآخر خارج أوقات العمل و أيام العطل ، لمساعدة النساء الحوامل على الولادة " لكن تعترف في نفس الوقت " أن هذا العمل يعد مجازفة كونه لا يوجد أي ترخيص قانوني أو قانون يسمح بمثل هذه الممارسة" . في حين تقول زميلتها " كريمة ، س " أن " مثل هذا العمل " قد يعرض القابلات لعقوبات ردعية مشددة، مقابل تلبية نداء إنساني أو طمعا في تحقيق ربح مادي إضافي قد يصل إلى القضاء في حالة حدوث أي مكروه للأم أو المولود الجديد".
و تقول سيدة فضلت الولادة في المنزل تعمل في مجال الإعلام الآلي أن " فكرة الولادة في المنزل راودتها خلال فترة تواجدها في أوروبا حيث رافقت زوجها إلى هناك للعمل" و تضيف أن " في أوروبا غالبية النساء أصبحن يفضلن الولادة في المنزل حتى تحظى بظروف ولادة حميمية و بالقرب من أهلها ، كما أن البلدان الأوروبية حاليا أصبحت تعتمد هذه الطريقة".
وتلجأ العديد من النساء اللواتي يفضلن الولادة في المنزل إلى اعتماد عامل " الصدفة" وهو العامل الأساسي الذي يتم استعماله في الغالب لتبرير اللجوء إلى مثل هذا النوع من الولادة.
و بالنسبة للسيدة كهلوز نادية ، مسؤولة في الفيدرالية الوطنية للقابلات، فإن " ظاهرة الولادة في المنزل عرفت انتشارا واسعا السنوات الأخيرة و أن الواجب الإنساني يدفع القابلة لتسهيل ولادة أي حامل في حال تعذر وصولها إلى المستشفى أو أي ظروف قاهرة تحتم عليها الولادة في الحال".
و هي إشارة واضحة إلى " لجوء العديد من الحوامل لاستعمال عبارة الاستعجال، رغم منع القانون لمثل هذه الممارسات" و بالتالي تضيف المتحدثة " أخلاقيات المهنة تدفع بالقابلات للمخاطرة حتى و لو كان على حساب حياة الأم أو الطفل أو معا".
و إذا كانت المرأة الريفية تلجأ إلى مثل هذا النوع من الولادة بسبب بعد المستشفيات و عامل المفاجأة و الاستعجال ، فإن المرأة في المدينة التي أصبحت تلجأ إلى هذا النوع من الولادة مستعدة للدفع مقابل خلق تلك الأجواء الحميمية بعيدا عن الضجيج و لا مبالاة المستشفيات سواء العمومية أو الخاصة حيث تقبض القابلة مبلغا لا يقل عن 40 ألف دينار' 4 ملايين سنيتم) ، مما يجعل البعض منهن يبحثن عن النساء اللواتي يفضلن الولادة في البيوت.
ولم تخف الإحصائيات الأخيرة للمصالح المختصة أن الولادة في المنزل تضاعفت السنوات الأخيرة بمعدل ثلاثة أضعاف مما كانت عليه في السابق ، لكن حذرت نفس الإحصائيات من ارتفاع معدل الوفيات الذي يسجل أثناء هذا النوع من الولادة مقارنة بالولادات التي تجرى في المستشفيات والمراكز الطبية.
وقالت السيدة كهلوز نادية ، أنه " لوحظ من خلال أبحاث أجريت على مجموعة من حديثي الولادة، مجموعة منهم ولدوا في المستشفيات والأخرى في المنزل، أن معدل وفيات الأطفال في المنزل بلغ الضعفين مقارنة بالأطفال الذين ولدوا في المستشفيات". و بالتالي تواصل المتحدثة " تبقى الولادة في المنزل مرتفعة المخاطر كون المرأة و الطفل بحاجة إلى رعاية طبية أكثر من حاجتهما إلى الجو العائلي الحميم ".