و يقول فلاحو ولاية المسيلة أن " كل مساعيهم من أجل إيجاد حل لمشكل السقي اصطدمت بجدار الإدارة و البيروقراطية التي تمارسها هذه الأخيرة على المستوى المحلي".
و يؤكد الحاج عيسى فلاح من منطقة مسيف بالمسيلة أن " العشرات من الفلاحين والموالين استسلموا للأمر الواقع و تركوا خدمة الأرض ، حيث فضل العديد منهم النزوح إلى المناطق الحضرية"، ثم تابع " حتى الموالين اضطروا نقل مواشيهم إلى الولايات المجاورة حيث تتوفر الظروف الملائمة".
و يشير الفلاح "الطاهر . ع" إلى أن " أهم المشاكل التي تعترض الفلاحين ومربي الماشية في المنطقة هي عدم توفر مياه السقي وتوريد المواشي، وخاصة أن العديد من الفلاحين بعدة مناطق فلاحية بامتياز ما يزالوا وإلى غاية اليوم يتخبطون في مشكلة انعدام المياه لمواشيهم ومزروعاتهم".
وخص المتحدث بالذكر مناطق المعذر وبن زوه ومنطقة مسيف الرعوية التي تعاني هي الأخرى حسبه من ندرة حادة في المياه".
كما أوضح أحد الفلاحين من منطقة الدهاهنة أن " هذه الأخيرة كانت في وقت قريب تسد حاجياتها من المياه انطلاقا من سد بونصرون ، لكن أصبح هذا السد من الماضي بعد انهيار أجزاء منه " ، ما دفع هؤلاء الفلاحين حسب محدثنا إلى " مطالبة السلطات المحلية و الولائية بضرورة التحرك قصد إعادة تأهيل هذا السد الذي من شأنه إعادة تحريك عجلة التنمية بالمنطقة و إعطاء دفع قوي للفلاحة " حيث أردف " هذا المشروع سيعيد الحياة إلى مختلف أرجائها و حتى المناطق المجاورة لها"، التي بدأت تتحول حقولها إلى أراضي بور بعد أن كانت في وقت مضى تزخر بشتى أنواع الخيرات".
و يواصل محدثنا أن " العديد من الفلاحين بهذه المناطق اضطروا لترك الفلاحة ، ولم يعد يمارس هذه المهنة الشاقة إلاّ أصحاب النفس الطويل و الإرادة الكبيرة والذين فضّلوا مواصلة المعاناة نظرا لتعلقهم بخدمة الأرض".
كما تحدث الموال " لخضر. خ "عن مشكل غياب الكلأ وغلاء التبن والأعلاف الذي يؤرق حياتهم ، حيث يوضح أن " هذه المناطق الرعوية بالمنطقة تشهد حالة جفاف غير مسبوقة مقابل غلاء للأعلاف".
و كشف "مسعود. ق" وهو موّال آخر أن " المصالح الولائية المكلفة بقطاع الفلاحة و الزراعة قررت هذه السنة الخفض في وزن الشعير المدعم المقدم للشاة الواحدة عبر ولاية المسيلة"، و تابع " منحت هذه المرة 15 كلغ فقط للشاة الواحدة وهو ما لم يتقبله الموالون، إضافة لارتفاع السعر إلى 1750دج للقنطار".
و بالنسبة للموالين فقد تقدم هؤلاء بطلب للمسؤولين بغرض خفض القيمة إلى 1500 دج فقط كباقي ولايات الوطن، وهو الطلب الذي قوبل بالرفض".
و يقول الموالون أن " غلاء الأعلاف دفع بالعديد من المربين إلى التخلي عن تربية المواشي وترك الفلاحة، حيث لجأ الجميع إلى المطالبة بضرورة الإسراع في زيادة كمية المياه في الآبار التي جفت في الوقت الحالي".
ولم يختلف الفلاحون و الموالون على حد السواء " بأن سبب تراجع المردود الفلاحي وتراجع عدد رؤوس المواشي والأغنام هو الجفاف وارتفاع أسعار الأعلاف وندرتها"، وهو ما ساهم وبشكل كبير حسبهم " في تراجع المربين وتراجع عدد رؤوس الأبقار التي أصبحت تباع في السوق الموازية".
و بالنسبة لهؤلاء فإن " التنمية المحلية معطلة بسبب حرمانهم من ممارسة النشاط الفلاحي، على غرار غياب الكهرباء الريفية وغيرها من الضروريات لممارسة النشاط الفلاحي، و في مقدمتها المياه التي تسقط بكميات كبيرة لكنها تضيع سدى لعدم وجود سدود يتم تخزينها هناك ، ناهيك عن قنوات الصرف الصحي التي يشتكي منها فلاحو بلدية عين الخضراء الواقعة في الجنوب الشرقي للولاية حيث تعاني من وجود مصب قنوات الصرف الصحي المتأتية من بلديات مقرة وبرهوم و الدهاهنة، و الذي مازالت تتساقط هناك رغم وعود السلطات الولائية بإنجاز محطات تصفية لمياه قنوات الصرف الصحي".