على طول هذه الطرقات وعلى تعرجاتها وانحناءاتها تحولت مشاهد قطع الطريق على المارة وتهديدهم بالسلاح وأخذ ما لديهم من مال وأغراض ثمينة، واردة الحدوث في أي لحظة وفي أي مكان حيث يتربص قطاع الطرق وشذاذ الافاق بالسيارات والمارة من مرتادي هذه المسالك يسلبونهم متاعهم وما حملوه مما أضاق الخناق على المسافرين وسبب الخوف والارتباك في صفوف المدنيين وأصحاب السيارات الذين يقومون بالتنقل ما بين مدن شمال البلاد.
طريق الرعب
تروي فاطمة بنت محمد ،من سكان منطقة "بير" التي تبعد عن "تين بكتو" 60 كلم، رحلتها مع طريق الرعب بالقول : "منذ أسابيع، وبينما كنا متجهين من "بير" إلى "ان خاليل "الواقعة على الحدود ما بين مالي والجزائر وبالقرب من وادي يسمى "وادي أبو كرشة" أوقفتنا مجموعة من الشباب كانوا يلبسون ملابس العسكر ويغطون وجوههم حتى لا تتبين ملامحهم. هددونا بالسلاح وأنزلونا من السيارة وقاموا بتفتيش الرجال وأخذوا هواتفهم وما لديهم من مال، وطلبوا منا نحن النساء أيضا اخراج كل ما لدينا من مال".
تضيف فاطمة:" في الوقت الذي بدأ فيه أحدهم بتفتيش حقيبتي أخرج سائق السيارة سلاحه وأطلق النار في الهواء وعلى الفور تركونا ولاذوا بالفرار". هذا الامر لم يقلل من هول الحادثة عليها حيث تتابع فاطمة بالقول "ان الجميع سكنهم الخوف حتى انتهاء الطريق "
"نقوم بقطع الطريق لنحصل على قوت يومنا"
تختلف اسباب هذه الظاهرة ودوافعها، لكن الثابت انها تحولت الى فعل متكرر وغير معزول حتى ان البعض من ممتهنيها اصبح يجد الذرائع لممارستها ويبرر وجودها فـ"عالي ولد العربي" الذي اشتغل لسنوات كقاطع طريق، يقول "عملت مع جماعة معروفة عددها محدود كنا نقوم بقطع الطريق لنحصل على قوت يومنا بعد ان ساءت الظروف الى حد انقطع فيه كل سبيل في الحصول على موطن رزق "
يصف ولد العربي عملياتهم في قطع الطريق على المسافرين: "كنا نقوم بوقف السيارات ونهدد راكبيها بالسلاح الذي غالبا ما يكون خاليا من الرصاص يبقى هدفنا هو اخافتهم، وقد نحصل على ما نريد دون الحاجة الى اطلاق نار .وغالبا ما يواجهنا أصحاب السيارات فيطلقوا علينا النار فنرد عليهم او ننسحب".
و يضيف " ننفذ عملياتنا في الليل عندما نرى ضوء سيارة قادمة من بعيد. نتبادل التعليمات في ما بيننا ونجهز للتصدي للسيارة بقوة السلاح أو بخدعة وضع شيء في الطريق ما يرغم السيارة على التوقف وعندها يسهل علينا أخذ ما لديهم بكل سهولة"
وعن تعامل أصحاب سيارات النقل مع قطاع الطرق يقول أحمد أملوا، سائق سيارة ينقل الركاب مابين "بير و"إن خاليل" الحدودية "أن قطاع الطرق يتخذون النهب والسرقة مهنة لهم في وضح النهار كما في الظلام في ظل انعدام الأمن وغياب القوات المسلحة النظامية للدولة".
يتابع أحمد حديثه بالقول "أنا شخصيا لا أخرج مسافرا مع الركاب في هذا الطريق الخطير إلا ومعي سلاحي لحماية نفسي ومن معي من هذه العصابات التي تقطع الطريق". مشيرا إلى أنه يفضل ان يقضي احيانا ساعات طويلة في الطريق متعمدا المرور عبر مسالك طويلة وبعيدة عن أعين قطاع الطريق على غرار المرور عبر وادي "تيمتغين" الذي يبعد عن "إن خاليل " حوالي240كلم.
و من جهته قال سيدوا سيسي المستشار الإعلامي لوالي تين بكتو؛ "إن السرقة عمت مناطق شمال مالي منذ اندلاع الأزمة لكنها زادت بشكل ملحوظ بعد التوقيع على اتفاقية السلام والمصالحة في مالي منذ أكثر من سنة". مشيرا إلى أن قطع الطريق هي ظاهرة انتشرت في الآونة الأخيرة بسبب غياب طويل للأمن الوطني في بعض المناطق مع أنه يقوم، حسب قوله، بعمليات واسعة النطاق في بعض المناطق التي وصلتهم من سكانها شكاوى و ذلك بالتنسيق مع بعض الحركات المسلحة المتعاونة معهم.
حسين أغ عيسى