لدى زيارتنا للمركز، بضع من النسوة فقط كنّ متواجدات بمراكز عملهنّ. و في هذا المركز، يُدبٙغ البازين، ذلك النسيج الألماني الأبيض، ليصطبغ بمختلف الألوان ثم بعد ذلك يتمّ بيعه في الأسواق.
و بحسب بعض نساء الأعمال، فالقطاع يعدّ واعدا للغاية، حيث تصرّح إحداهنّ و تدعى هوى نداي فتقول : " نحن نشتري حزمة البازين بسعر قدره 450.000 من فرنكات المجموعة الإفريقيّة (حوالي 675 يورو) ثم نعطيه للدّباغة مقابل 140.000 فرنكا ، أي ما يعادل 210 يورو كتكلفة للمواد المستعملة في الصّباغة و كأجر لليد العاملة ثم، بعد ذلك نبيعه. وعموما يمكن أن نجني من ذلك أرباحا تعادل 150.000 من فرنكات المجموعة الإفريقيّة، أي ما يعادل نحو 225 يورو أو حتّى أكثر من ذلك ".
أصعب مراحل العمل تقوم بها عاملات تحت إشراف رئيسات عمل من النساء أيضا و تُسرُّ لنا هوى قائلة : " لديّ فريق يتكوّن من عشر نساء شابّات يعملن لفائدتي ".
و للحصول على اللّون المرغوب، هؤلاء النسوة يستعملن مادّة الأنديڨو و هي صبغة النيلة التي تخلطنها بالماء المغلي قبل أن تنقعن فيه القماش الأبيض و تحرّكنه بأيديهن العارية إلاّ من قفّازات بلاستيكية و ذلك قبل أن تضفن إلى الخليط مادّة الپوتاس.
كلّ هذه الموادّ الكيمياويّة لها مخاطرها على الصحّة بحسب الدكتور في الطبّ العامّ، خليفة كيتا الذي يحدّثنا عن ملاحظاته قائلا : " بصورة عامّة تعاني هؤلاء النساء من مشاكل في الجهاز التنفّسي كما أنهنّ تشتكين على الدّوام من تهيّجات تسبّبها الحساسيّة لتلك الموادّ و كذلك من التهابات في الجيوب الأنفية و من صداع مزمن. هنالك أيضا حالات التهابات حادّة في الشعب الرّئويّة و في العينين ".
مع كلّ ذلك، و بالرّغم من ظروف العمل المضنية و المخاطر التي تحفّ بهذه المهنة، فإنّ هؤلاء النسوة العاملات لا تتجاوز أجورهن مبالغ تتراوح بين 500 و 2000 من فرنكات المجموعة الإفريقيّة، أي ما يعادل نحو 3 يورو في اليوم.
2000 فرنكا على أقصى تقدير بعد يوم كامل تقضّينه في استنشاق الغازات السّامة... هؤلاء النساء تٙعينٙ تماما العواقب الوخيمة لهذه المهنة على صحّتهن لكن كما تقول باطوما تراوري و هي عاملة في الصّباغة : " هل لدينا خيار آخر و الحال أنّ تلبية احتياجاتنا و احتياجات أهالينا رهينة القيام بهذا العمل؟ ". و بالنسبة إليها، يكفي أن تشرب كوبا من الحليب لتتخلّص من كلّ السّموم التي تسرّبت إلى جسمها طبلة اليوم.
لكن فاطوماتا كوناتي تستدرك معارضة زميلتها : " لقد رأيت عاملة قديمة في الدّباغة و لا زالت تنتابها إلى يومنا هذا نوبات عنيفة من السّعال و التقيّؤ..." و تضيف رقية و هي عاملة أخرى : " نحن نحتاج إلى ما يقي أنوفنا و إلى أحذية طويلة تصل إلى الرّكبتين لحماية سيقاننا... ". قالت ذلك و هي تحرّك قطعة من النسيج في المادّة الملوِّنة مستنشقة ملء رئتيها رائحة النيلة القويّة.
الدّباغة التقليدييّة مهنة منتشرة بكثرة في الأوساط النسائية الماليّة. لكنّ هذا القطاع ينتشر بطريقة غير منظّمة و ذلك بالرّغم من الحضور القويّ للبلد بالسوق الإقليميّة كمصدّر لنسيج البازين المصبوغ.