ليلى ولت إيماحتا فتاة تبلغ من العمر 13 سنة،لعبت دور "تويا" في "تومبوكتو". هي تقول: "فرحت كثيرا جدا عندما علمت بأنني سأشارك في الفيلم و اعتقدت أن كل شيء سيتغير". كما اخبرتنا ليلى أنها كانت تشعر بسعادة كاملة للقائها بأشخاص جدد من جنسيات مختلفة (أفارقة و مغاربة و أوروبيون) ثم تستدرك باستياء: "أما اليوم فأشعر بالخيبة عندما لا أجد نفسي مع من تحصلوا على الجوائز. فنحن اللاجؤون شعرنا بالفخر عند إنجاز هذا الفيلم و هذا النجاح الذي كلل به العمل إنما جاء نوعا ما بفضلنا. لذلك لا يجوز نسياننا الآن".
محمد المهدي آغ محمد الحاج يبلغ كذلك من العمر 13 سنة و قد لعب دور الراعي الصغير "إيسان". هو ايضا يعتبر أن الفيلم لم يغير شيئا من حياته كلاجئ لكنه اكتشف بفضله حقيقة الصناعة السينمائية: "الآن اصبحت أعرف حقيقة ما يحدث في كواليس الأفلام التي كنت أشاهدها في التلفاز أوعلى شاشة الكمبيوتر و التي كانت تصدمني فيما قبل لاعتقادي انها الحقيقة... كم أتمنى اليوم أن تتاح لي فرصة التمثيل في أفلام أخرى". و لا يزال الممثل الشاب يتذكر لحظات السعادة التي عاشها أثناء التصوير: "كنت ألعب كرة القدم مع ليلى التي كانت حبيبتي في "تمبوكتو". كنا نذهب إلى المطعم سويا و نغني و نستمع إلى الموسيقيين يعزفون على قيثارة التوارق في الفيلم. كان ذلك رائعا إذ كنا نشعر و كاننا التقينا بأهلنا الذين ضلوا بتمبكتو".
أما بالنسبة للشيخ آغ محمد الذي لعب دور مساعد زعيم الجهاديين، و اسمه في الفيلم "السائق"، فالأمر مختلف إذ يقول: "لقد خاطرت كثيرا بحياتي عندما لعبت هذا الدور فالجهاديون أصبحوا يعرفونني الآن و منذ نهاية التصوير أصبحت أتلقى دائما رسائل تهديد بالقتل تأتيني من المساجد". ثم يضيف موضحا خيبة أمله: "اعرف انني لعبت دورا صعبا للغاية فقد كنت الوحيد الذي يحذق اللهجة الجزائرية و لذلك وقع علي الإختيار للعب هذا الدور... لكنني اليوم أشعر بالخيبة فالفيلم يحصد الجوائز بينما أنا أواصل حياتي هنا كالعادة، بل و تحت التهديد كذلك! و أشتغل كمنشط صلب إحدى المنظمات في مخيم اللاجئين براتب 20000 أوقية موريتانية أي 50 يورو".
لكن من جهة أخرى يقر هذا الشاب الذي لعب دور الجهادي بأنه فرح بمشاركته في هذا التصوير لأنها كما يقول: "مكنتني من الحصول على بعض المال لأسدد ديوني. يكفيني ذلك فقد كنت فعلا محتاجا إلى المال و لا يهم كثيرا إن كان الأجر ضئيلا أو لو يكن".
البكر آغ زين العابدين الذي اختير في ديسمبر 2013 بنواقشوط ليلعب دورا ثانويا (كومبارس) عبر من ناحيته عن غضبه و خيبته بعد المشاركة في التصوير: "في نواقشوط أمضيت عقدا أحصل بموجبه على 30000 أوقية عن كل حصة تصوير و على 3500 أوقية يوميا. و لكن في والاتة لم أحصل إلا على 20000 أوقية عن كل حصة تصوير و 3000 أوقية يوميا. عندما قبلت التمثيل في الفيلم، تخليت عن عملي في محطة لبيع الوقود كنت اعنى بإدارتها بنواقشوط و اليوم أشعر بالإحباط فأنا عاطل عن العمل و أعيش في مخيم لللاجئين بمبرا".
و يرى إيناديرفي آغ المهدي المسؤول عن القاصرين أثناء التصوير أن مخرج الفيلم كان من المفروض أن يصطحب معه ثلاثة ممثلين على الأقل إلى مصر و إلى حفلة السيزار و كذلك إلى مهرجان بلدان إفريقيا للسينما و التلفزيون بواقادوقو و هو ما كان يمكن أن يفتح آفاقا للراعي الصغير محمد المهدي و لليلى التي لعبت دور "تويا" و كذلك للجهادي المساعد "شيخ". و يضيف محدثنا قائلا: "فيما عدى ذلك، و على مستوى التأجير، فالجميع فرحون بما تحصلوا عليه حتى أن البعض حصلوا خطأ على ثلاثة أضعاف الأجر عن تصوير نفس اللقطة".
من جهته يفسر عصمان آغ ادريسا، المساعد الثالث للإنتاج في الفيلم بقوله: "لقد تكبد مخرج الفيلم عبد الرحمان سيساكو مصاريف اللاجئين الماليين الذين لم يقوموا بأي دور في الفيلم أي أنه دفع لهم أجرا لمجرد أنهم رغبوا في حضور التصوير". كما أضاف أن المخرج قدم له وعودا بمساعدة كل الأطفال الذين شاركوا في الفيلم.
ولقد اتصلنا مرارا بالمخرج عبد الرحمان سيساكو لنسمع منه رأيه في الموضوع، إلا أننا، و إلى حد الآن، لم نستطع الحصول على موعد معه.
تجدر الإشارة أخيرا إلى أن فيلم تومبوكتو هو قصة خيالية تدور أحداثها في 2014 بين مدينة تومبوكتو المالية و مدينة والاتة الواقعة في جنوب شرق موريتانيا. و يروي الفيلم أحداث سيطرة الجهاديين في 2012 على شمال مالي و فرضهم لأحكام الشريعة على المواطنين اللذين، بالرغم من شراسة المتطرفين و طغيانهم ، و باسم مفهوم آخر للإسلام، قاوموهم بكل بسالة و تصدوا لهم.