و لدى تقديم هيأة الحقيقة و العدالة و المصالحة للصحافة المالية طالبت مسؤولة إحدى منظمات المجتمع المدني أن " تقوم الهيأة برتق النسيج الاجتماعي و القضاء على التمييز داخل المؤسسات و كذلك بتضميد الجروح النازفة التي تسببت فيها مختلف الأزمات التي تهز البلاد بصورة عامة و بالخصوص في الشمال".
من ناحيته يعتبر رئيس الجمعية المالية لحقوق الإنسان (AMDH)، الأستاذ ماريكو أن "هيأة الحقيقة و العدالة و المصالحة يجب أن تفتح تحقيقا حول حالات الاعتداء الخطيرة التي تطال حقوق الإنسان الفردية و الجماعية في البلاد".
أما الهيأة فهي تلفت النظر لكونها غير مؤهلة للتحقيق في كل الانتهاكات الجماعية التي تحصل بشمال مالي. و بحسب رئيسها، الأستاذ عصمان عومارو سيديبي، هنالك فاعلون آخرون من شأنهم أن يبحثوا في الجرائم الفظيعة كالتي تُرتكب في آڨـلهوك و يقول في هذا الصدد : " إن لجنة التحقيقات الدولية هي المؤهلة أكثر من غيرها للبحث في ملابسات مجزرة آڨـلهوك لأن لها ما ليس لدينا من الإمكانيات الضرورية للتحقيق في هذه الجرائم".
و بحسب رئيس الهيأة يبقى موضوع النساء اللواتي وقع اغتصابهن و كذلك موضوع الأطفال الذين ولدوا نتيجة ذلك الاغتصاب من اختصاص هيأة الحقيقة و العدالة و المصالحة التي ستنكب عليه حالما تصلها بلاغات الشكوى.
لكن مشكلة انعدام الأمن تمثل أكبر عائق أمام انطلاق أعضاء الهيأة في العمل بشمال مالي و يرى الأستاذ عصمان عومارو سيديبي أن قدرا أدنى من الأمن لا بد أن يتوفر حتى تتمكن هيأته من العمل على نحو فعال و حتى تجعل فرق عملها تنتشر للقيام بالتحقيقات في كل أنحاء شمال مالي.
و كذلك تقرّ نائبة رئيس هيأة الحقيقة و العدالة و المصالحة، السيدة نينا ولت إناتالو، بتأثيرهذه الصعوبات الأمنية على طبيعة عمل الهيأة فتقول : " نحن لا نستطيع العمل بدون أن تكون بحوزتنا نتائج التحقيقات التى يقع إجراؤها على الميدان. الأمر صعب لكن لدينا من الإرادة و الشجاعة ما يجعلنا نؤمن بتحقيق سلم دائمة بمالي".
و بحسب نفس المصدر، توجد كذلك العديد من العوائق الأخرى المتعلقة برفض بعض الأطراف كل إشارة إلى مجموعة الأزواد إذ تضيف السيدة نينا ولت إناتالو: " نحن نعلم جيدا أن الصعوبات كبيرة جدا و نتوقع كذلك أن تجابهنا العديد من المشاكل قبل أن ننجح في التأليف بين قلوب مزّقتها أربع سنوات من النزاع. من ذلك مثلا أن هنالك من طلب منّي أن أسحب على الفور كلمة "أزواد" التي كنت قد نطقت بها... لكنني مع ذلك أضل مؤمنة بأن الوضع سيتحسن مع الوقت و بأننا سنتخطّى هذه الصعوبات".
أمّا فيما يتعلق بالمستوى القضائي لعملها فإن هيأة الحقيقة و العدالة و المصالحة قد حدّدت المبادئ التي يتأسس عليها مفهومها للعدالة حيث يقول النائب الثاني لرئيسها : " لقد حدّدنا معاييرنا الخاصة بإرساء العدالة بحيث تتوافق مع ما نرمي إليه من رد للاعتبار و جبر للأضرار اللاحقة بالمتظلمين من ضحايا العنف". ثم يضيف موضّحا : " لم نحدد بعد ما هي طرق العمل الإجرائية التي سنتوخاها و لا ما هي أدلّة الشكاوي التي سنتبناها و لذلك لا أستطيع الآن أن أفصح عن أكثر مما صرّحت به".
و حتى يتمكنوا من نشر فرق التحقيق على الميدان، يعلّق مسؤولو هيأة الحقيقة و العدالة و المصالحة آمالهم على احتمال عودة الهدوء إلى شمال مالي بفضل الدوريات الأمنية المشتركة التي تقوم بها المجموعات المسلحة و القوات المسلحة في مالي (FAMA) و كذلك قوات حفظ السلام.
و في كل الأحوال تجدر الإشارة إلى أن المنظمات العالمية لحقوق الإنسان و منظمة العفو الدولية و الجمعية المالية لحقوق الإنسان (AMDH) يعارضون بشدة تعيين بعض الأعضاء بهيأة الحقيقة و العدالة و المصالحة حيث يأسف رئيس الجمعية المالية لحقوق الإنسان لكون " بعض المفوّضين صلب الهيأة هم من الضالعين في الأعمال الإجرامية المرتكبة أثناء النزاع بينما لا توجد ضحية واحدة من ضحايا تلك الأعمال الإجرامية داخلها".
و من جهته، استنكر تحالف حركات الأزواد (CMA) انعدام التوازن في تعيين الخمسة عشر مفوّضا الذين تتكون منهم الهيأة. حيث يقول السيد ماحمادو دجاري مايڨا نائب رئيس الحركة القومية لتحرير الأزواد (MNLA) و الذي هو كذلك عضو بلجنة متابعة تطبيق اتفاقية السلام بمالي : " نحن نطالب الحكومة بمراجعة شكل تعيين المفوّضين بحيث نحصل على ممثّلينا الخمسة صلب الهيأة. صحيح أن اختيار نينا انتالو كنائبة للرئيس يعتبر قرارا سليما و لكننا طرف من الأطراف الثلاثة التي تشكّل هذه الهيأة (الحكومة و القاعدة الهيكلية و تحالف حركات الأزواد) و كل طرف منا له الحق في أن يكون ممثّلا بخمسة مفوّضين".
تجدر الإشارة إلى أن مشروع قانون تنقيح الأمر عدد (2014-003/p-RM) الذي أنشئت بمقتضاه هيأة الحقيقة و العدالة و المصالحة (CVJR) صوّت عليه مجلس نوّاب الشعب المالي بالقبول يوم 20 مارس 2014 و بمقتضى هذا القانون تتكون الهيأة من خمسة عشر مفوّضا يتشكّلون ضمن سبعة فرق عمل مكلّفة كل منها بما يلي :
التحقيق حول الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، الفردية منها و الجماعية.
المصالحة و إرساء الثقة داخل الطوائف المتنازعة و فيما بينها.
جبر الأضرار الجسدية و المعنوية و المادية.
البحث عن الحقيقة.
العودة و الاندماج الاجتماعي بالنسبة للاجئين و النازحين.
الدراسات و التوثيق.
صيانة و جبر الأضرار اللاحقة بالتراث الثقافي.