محمد أغ الخير (39 عاما) أب لثلاثة اطفال وقاطن في مدينة ليرا الواقعة حوالي 60كلم شرق حدود مالي مع موريتانيا، قال بعد قضائه فترة من الزمن في مخيمات اللاجئين الماليين بموريتانيا "ما من شيء متوفر حتى الماء أبسط الضروريات أصبح شبه منعدم، لم يتم تقديم أية مساعدات تذكر رغم أن المسؤولين أخبرونا أننا إذا رجعنا إلى بلدنا سنجد دعما كاملا ومساعدات إنسانية عاجلة بعد ان تعكرت وضعيتنا المعاشية والصحية في المخيمات".
ولئن لم يستثن وجود بعض المساعدات الغذائية والصحية القليلة المقدمة من قبل هيئة الصليب الأحمر الدولي والتي تبعث الامل في امكانية تحسن الاوضاع مستقبلا الا انه أكد في المقابل على خطورة الاوضاع الامنية بالمنطقة والتي تمثل سببا اخر لعدم وصول المساعدات بالشكل المطلوب جراء انتشار ظاهرتي السرقة والقتل خاصة في الليل.
في نفس السياق قال عثمان سيسي( 47 عاما) المقيم مع ابنته الشابة بعد فقدانه لزوجته إثر تعرضها للإصابة بسوء التغذية في بوادي مدينة "قوندام "انهم يضطرون الى الاختباء خوفا من التعرض للخطر بسبب احتمال حصول عمليات انتقامية متابعا "كنا نأمل في الخروج من البادية إلى المدينة لكن مخاوفنا بسبب انعدام الامن فيها تمنعنا من ذلك، ". وهذا الامر يجعل من اتفاق السلام الموقع مجرد حبر على ورق.
حديث أحمد ديكو، الناشط في المجتمع المدني في تين بكتو، لا يخالف ما صرح به سيسي كثيرا حيث يقول: "ما كتب على الورق لا يمكن أن يطبق إلا إذا اثبت القادة إرادة سياسية قوية لتطبيقه وسعوا بالفعل لإيقاف معاناة سكان شمال مالي الأبرياء وإسعافهم.
وتربط بعض الفصائل الحاجة الى انفاذ ما وقع الاتفاق عليه كذلك بعدم حصول سكان الإقليم على كل حقوقهم، وتجاهل السلطات والمعنيين لطبيعة الأوضاع المأساوية والإنسانية في المنطقة. ويؤكد أبوبكر أغ الحسيني أمين مكتب يحمل اسم’’ إتحاد شباب أزواد’’، ذلك بالقول: "لا نعترض على الاتفاق بقدر ما نعترض سكوت الجميع على معاناة شعب يعاني من التهميش والتشريد منذ قرن". منددا بما اعتبره "تمييزا ضد السكان الشماليين لصالح السكان من ذوي الأصول الجنوبية".
من جهته يقول محمد ميقا موظف بدائرة قوندام وعضو اللجنة الإقليمية لمتابعة المصالحة في مالي " لابد من تسجيل ملاحظة مهمة بشأن ما تم التنصيص عليه في الاتفاقية والمتعلق بالحالات الإنسانية، وهو أنه لا يمكن تحقيق ذلك بدون استقرار الاوضاع الامنية ، موضحا في الاثناء ان الحكومة المالية وشركاؤها يعملون بجهد على تحسين هذه الأوضاع حتى تتمكن المنظمات الإنسانية من القيام بواجبها داعيا في نفس الاطار الجميع لأن يدركوا صعوبة الوضع بالقول "دولتنا كانت في أزمة كبيرة و لا يمكنها الخروج منها دون مساهمة الجميع".