مريم صاكو تبلغ من العمر 28 عاما. تقف على مفترق طرق وسط المدينة، وراء مجلس نواب الشعب بباماكو لتتسوّل و في ذراعيها طفلاها التوأمان باني و كافوني.
مريم تعتقد أنّها مجبرة على التسوّل مع توأميها: " يقال في مجتمعنا أن الأم المتسوّلة عليها أن تصطحب معها ولديها الاثنين و إلا فإن أحدهما يتعرّض لموت محتمل أو يمكن أن يمرض". ثم توضح قائلة : " إن صعوبة الحياة هي التي تدفعني إلى توسّل الناس من أجل المال حتى أوفّر لأطفالي ما يحتاجون إليه".
تقضي مريم يومها في الشارع حاملة على كلٍّ من ذراعيها طفليها الإثنين، ماسكة في كل يد إناء للنقود التي يجود بها الناس عليها. تصارحنا مريم بكل أسف : "ليست عندي مؤهلات تمكنني من أن أجد عملا و لا أحد لديّ بإمكاني ائتمانه على توأمي و لا مال لي كي أفتح متجرا".
على بعد بضعة أمتار عن مريم، تجلس على الرصيف أومو نابو، مواطنة قادمة من باندياقارا 682) كم شرق باماكو) و أم لتوأم من الإناث هما آوا و آدم. كانت بصدد إرضاع إحدى طفتليها التوائم دون أن تنقطع عن التسوّل.
لقد غادرت أومو نابو بيتها و جاءت لتستقر في باماكو و تتسول برضيعتيها. تستجدي الناس طوال 10 ساعات في اليوم لتجمع مبالغ يومية تقارب 1500 فرنكا إفريقيا)02 يورو (. و تعلّل الأمر بحسرة: " ولادة بنتيّ التوأمان هي التي جعلتني في هذا الوضع".
إحدى المارّات، و تدعى بادجي كايتا، توضح لنا أنها تعطيهما المال لكونها تعتبر أن " تربية التوائم ليست بالأمر الهيّن".
و يقول شرطي متواجد بالمكان: "هؤلاء النسوة و أطفالهن معرّضون لمخاطر عديدة نظرا لكونهم يجلسون على حافة الطريق". و يضيف قائلا: "هن كثيرات على هذا الرصيف و في أماكن عمومية أخرى من باماكو. نحن لا نستطيع إحصاءهن لأنهن من حين لآخر تنتقلن من أمكنتهن. يقع طردهن لكنهن يعدن في كل مرة".
سألنا السيد الحسان موديبو باه، و هو مستشار مكلف بالشؤون البيداغوجية بالمركز الإسلامي للتكوين و التوثيق (CIFOD)، عن رأيه في الموضوع فوضّح لنا أن التسوّل بالتوائم غير منصوص عليه بأية سورة من القرآن و أضاف: "بل على العكس من ذلك، يجب على الوالدين أن يعملا لإعالة أولادهما"، مؤكّدا أن الإسلام يلحّ على ضرورة حماية الأطفال من المخاطر و على حسن تربيتهم بينما وجود هؤلاء التوائم في الشارع سوف يجعلهم يخسرون الكثير من الأشياء في الحياة.
كما يفسّر السيد الحسان موديبو باه ظاهرة طلب المال بالتوائم بكونها أزمة ثقافية بالمجتمع المالي: "يقول الكثيرون أن التوائم إن لم يخرجوا للتسوّل يتسبّبون في لعنة قد تحلّ بعائلاتهم و يكونون عرضة للمرض أو حتى للموت. لكن لا شيء من كل هذا يستند إلى الصحّة و ها نحن مثلا نرى توائم لو يخرجوا أبدا للتسوّل و بالرغم من ذلك فهم في صحّة جيّدة!".
تقول السيدة آدم نياماي باه، رئيسة جمعية تعنى بالأطفال المتسوّلين، أن الجمعية ٙ غالبا ما تنظّم حلقات محادثة و نقاش في جميع ضواحي باماكو قصد تحسيس أمهات التوائم و إعطائهن جملة من النصائح و تضيف: "نحن نعطيهن كذلك الأرز و الزيت و السكّر لمساعدتهن".
من جهته، يقول السيد قاوسو تراوري الكاتب العام المساعد للائتلاف المالي للدفاع عن حقوق الطفل (COMADE) أن المنظمة بالتنسيق مع وزارة التضامن منكبّة حاليا على انتشار هذه الظاهرة : " لقد وقع تعداد 476 أماّ لتوائم في ثلاث ضواح من باماكو و هي الضواحي 1 و 2 و 5". كما يعلمنا بالإضافة إلى ذلك أن جملة من الاجتماعات وقع تنظيمها لفائدة هؤلاء النسوة بغية تحسيسهن لضرورة أن تضمنّ تربية حسنة لأطفالهن قبل أن يستدرك: "غير أنهن جميعا يبرّرن لجوءهن للتسوّل بحجّة ضيق ذات اليد و صعوبة أن يوفّرن احتياجات أطفالهن."
السيد قاوسو تراوري يؤكد أيضا أن هؤلاء النسوة سيتمتعن انطلاقا من شهر نوفمبر بتمويلات تساعدهن على انجاز مشاريع صغرى (كالاتجار في الملابس القديمة و التوابل أو صناعة الصابون ...) بينما سيقع تسجيل أطفالهن في رياض الأطفال موضحا بالإضافة إلى ذلك أن هذه التجربة ستُعمّٙم على المناطق الأخرى من مالي بعد التمكن من الحصول على تمويلات جديدة.