من الواضح أن التعليم في كيدال، شمال مالي، تأثر بغياب الأمن في المدينة نفسها و في الجهات المحيطة بها. ففي السنة الماضية، لم تفتح سوى 20 مدرسة أبوابها من جملة 67 مدرسة موجودة. يقول مدير مدرسة آغ محمد :" عندنا مشاكل كثيرة تمنع السير العادي للدروس كرداءة البنية التحتية و النقص الفادح في المدرسين". و يضيف :" من الواضح للعيان أن قاعات الدرس دمرت بالكامل في عديد المدارس بكيدال... في حين تحطمت المقاعد و الطاولات في مدارس أخرى، دون أن ننسى طبعا النقص في عدد المدرسين" مؤكدا أن الأطفال يجوبون الشوارع بدل التحاقهم بمقاعد الدراسة.
أما أولياء الأمور فيعتبرون غياب الأمن أهم عائق. " رغم إتفاقية السلام الممضاة منذ أكثر من سنة، يبقى التوتر سيد الموقف في المنطقة و تملي المجموعات المسلحة قوانينها في المدينة و ضواحيها... لذلك لا تستطيع العائلات إرسال أبنائها إلى المدارس خوفا من اندلاع اشتباكات بين الفصائل المتناحرة" يصرح لنا أحمد آغ أهوشال ولي تلميذين في إحدى مدارس المدينة. و يدعو هذا الأخير الدولة للتدخل قائلا :" حان الوقت لكي تتدخل الدولة لفرض الأمن في المنطقة و ضمان الظروف الملائمة لعودة الأمور إلى نصابها من جديد كعودة الكهرباء و الدروس و الخدمات الصحية... بهذه الطريقة فقط تضمن الدولة انخراط المواطنين في سياستها".
من ناحية أخرى، تعرب نقابة المربين، على غرار أولياء الأمور، عن قلقها فقد تقدمت النقابة بطلب رسمي للسلط المركزية في باماكو مناشدة إياها تعزيز الأمن في المدينة و ضمان الظروف الملائمة لعودة الدروس. كما عبرت النقابة عن استيائها عن الظروف السيئة التي حفت بالسنة الدراسية الفارطة حيث تمت الدروس في ساحات المدارس. " خيرنا أن نتطوع حتى لا يخسر التلاميذ سنتهم الدراسية لكننا لا نملك شيئا أمام تدهور الوضع الأمني" يؤكد لنا ريسا آغ سيغدي، أحد المدرسين الذي يدعو مختلف المجموعات المسلحة للإتفاق لما فيه صالح سكان المحليين.
أما التلاميذ فلا يسعهم إلا التذمر من هذا الوضع. يقول باي آغ محمد، التلميذ في المرحلة الثانوية، محاولا حبس دموعه :" الخاسر الأكبر هم التلاميذ... بعد انقطاع دراسي دام لسنوات، بات مستقبلنا مهددا... للأسف، لا الحكومة المركزية في باماكو و لا تنسيقية حركات آزاواد على وعي بفداحة الأزمة التي ألمت بنا".
الإدارة المحلية، من ناحيتها، تعي بدورها مدى تدهور الوضع في منطقة كيدال مما انعكس بقوة على أطفال و شباب المدينة. لذلك لا ينفك منسق هيئة التصرف و التسيير في المدينة، زيد آغ محمد، عن التنسيق مع اليونيسيف و مع السلط المركزية في باماكو لضمان عودة الدروس. و تواصل اليونيسيف تكفلها بضمان تكوين المدرسين المتطوعين و ترميم المدارس و توفير الكتب و المستلزمات المدرسية و كذلك تمويل مطعم مدرسي. لكن المسألة الأمنية تعرقل كل شيء. " نتمنى أن يتحسن الوضع الأمني في الأسابيع المقبلة لضمان عودة مدرسية خلال شهر أكتوبر" يضيف زيد آغ محمد.
أربع سنوات بعد أزمة 2012 ، تعجز منطقة كيدال عن استئناف حياة طبيعية. و لم تستأنف أي من الخدمات كالقطاع الصحي و التزود بالبنزين و الكهرباء سير عملها المعتاد. في غياب كل هذه الخدمات، يتساءل المواطنون عن مدى قدرة الحكومة المركزية على إرساء الأمن في المنطقة.