لى بعد 15 كيلومترا من باماكو، وسط مخيّم بشمال كاتي، في غرفة تصلح للجلوس و النوم معا، استقبلتنا السيدة صفيّتو ديارّا، زوجة الضابط عيسى ديارّا الذي سقط في ساحة الشرف بليري الواقعة بضواحي تومبكتو في شهر أفريل الماضي. ستة أشخاص يتقاسمون هذا المسكن الذي شيّده الضابط من الطين و القش منذ بضع سنوات.
مرّ أكثر من ستة أشهر على وفاة عيسى ديارّا و مازالت زوجته و أطفالها ينتظرون لفتة من السلطات. تحدثنا الأرملة قائلة : "في ما عدا بعض المؤونة التي منحتنا إياها المصالح الاجتماعية في العيدين، مازلنا لا نعرف شيئا عما ستكون عليه حالنا في المستقبل. وضعي لا يزال يُعتبر حديثا بالمقارنة مع أسر اللواتي ترمّلن قبلي و اللواتي هن أجدر مني بالإدلاء بشهاداتهن".
لذلك توجهنا للحديث مع أرملتي الرقيب موديبو كوليبالي الذي توفي يوم28 فيفري 2012. تقول السيدة فاطوماتا تراوري إحدى الأرملتين : " تتكون عائلتنا من ثمانية عشر فردا : أنا و ضرّتي و أطفالنا. و نعيش منذ أربع سنوات على جراية يبلغ قدرها 100.000 فرنك من عملة المجموعة الإفريقية".
أرملة أخرى تتحصّل شهريّا على مبلغ 53.000 فرنكا من عملة المجموعة الإفريقية توضّح أن الجرايات يختلف قدرها بحسب رتب رجال الجيش المتوفّين و ليس بحسب عدد أفراد أسرهم بينما هم يتركون خلفهم العديد من الأبناء الذين يجدون صعوبات جمّة في توفير أبسط الاحتياجات الضرورية. ذلك مثلا شأن لاسين كوليبالي المتكوّن في مجال الكهرباء وهو حاليا عاطل عن العمل و يبحث عن وظيفة صلب الجيش ليتمكّن من مساعدة عائلته على " الخروج من الفقر".
كان رئيس الجمهورية قد وعد في 22 سبتمبر بكاتي بأن تتولى الدولة إعالة عائلات رجال الجيش الذين قضوا في ساحة الوغى و أكّد أن قانونا هو الآن في طور الإنجاز سيقع التصويت عليه في مجلس نواب الشعب.
و لكن في انتظار أن تتحقق كل هذه الوعود، لم يبق لعائلة الجندي المغدور سوى ستة أشهر قبل أن تجد نفسها مجبرة على ترك المنزل و ذلك سواء كان قد شيّده الجندي نفسه أو شيّدته الدولة كما هو الحال في بعض الأحيان. و تقول السيدة صفيتو نياري في هذا الصدد : " ليس عندنا حاليا أمل في أن نجد بيتا خارج المخيم و نتمنى أن تجد لنا الدولة حلا".
تجدر الإشارة كذلك أن هؤلاء الأرامل أسّسن منذ 2012 "جمعية زوجات أصحاب الزيّ الذين وقعوا في ساحة الشرف" و منذ تأسيسها لم تجن هذه الجمعية التي تشمل 26 عضوة غير الوعود على حدّ تعبير رئيستها السيدة بلقيسا توري.
و باتصالنا بمديرة المصالح الاجتماعية للجيوش و التي تهتم بهؤلاء الأرامل و الأيتام، عبرت عن رفضها الإدلاء بأي تصريح حول هذا الموضوع نظرا، على حد قولها، لعدم حصولها على ترخيص من رؤسائها. و كذلك الشأن بالنسبة لقسم الإعلام العمومي للجيوش (DIRPA) حيث يقول رئيس القسم، السيد كو مايڨا : " نحن لا نستطيع ان نعطيكم أرقاما حول هؤلاء النسوة لأن ذلك يعني إيفاءكم بعدد رجال الجيش الذين فقدناهم في شمال البلاد".
مراجعة النصوص القانونية المتعلقة بكفالة أيتام الجنود الذين قضوا في سبيل الوطن كانت محور اجتماع عقد يوم 5 نوفمبر بوزارة التضامن و العمل الإنساني و إعادة الإعمار في الشمال. و حسب الوزير، السيد حمادون كوناتي فإن هذه المبادرة تندرج ضمن رغبة رئيس الجمهورية في ت اعتراف الدولة بالجميل و عرفانها لمن بذلوا حياتهم بكل سخاء في سبيل خدمتها.