وتعتبر مالي الاكثر تضررا باستقطابها لآلاف المهاجرين الأفارقة الذين يعبرون الصحراء للالتحاق بليبيا مرورا بالجزائر، وذلك عبر مسالك تهريب وصفها الكثير بالتجارة البشرية.
و حظت منطقة إن خليل الواقعة حوالي 800 كلم شمال شرق تين بكتو في أقصى شمال مالي و حوالي 18كلم عن الحدود الجزائرية بتجمهر هؤلاء المهاجرين وذلك لأنها تخضع لسيطرة حركات تمرد الطوارق التي لاتملك قانونا يمنع هذه الظاهرة.
أحمد أنجاي شاب سنغالي عمره 27 سنة. هو مقيم حاليا في إن خليل وهو أحد الساعين للبحث عن سماسرة الهجرة غير الشرعية ليواصل رحلته إلى ليبيا.
يقول أحمد : " هجرة شرعية أو غير شرعية المهم هو أن أتمكن من الخروج من بلدي لأجد لقمة عيش وأتمكن من تحسين وضعي المادي في ظل انعدام فرص العمل في السنغال وحتى مالي التي عشت فيها أشهر وأنا أبحث عن العمل"
ويِؤكد المتحدث أنه حاول العديد من المرات الهجرة بطريقة شرعية و منظمة لكنه فشل في ذلك باعتباره لا يملك الإمكانيات الكافية لإجراءات جواز السفر ثم التأشيرات إلى أوروبا.
وعن طرق التهريب الذي يسلكها المهاجر غير الشرعي من إن خاليل المالية إلى ليبيا قال أنجاي: "إنّ هناك الكثير من المسالك التي يتم اعتمادها على طول الشريط الصحراوي في الحدود بين مالي والجزائر، كما هو الحال بين الجزائر و ليبيا.
" يعتمد المهاجر هذه المسالك ثم يجد المهرب في انتظاره في الجانب الآخر من الحدود فينقله خلسة في الصحراء. و حتى وان التقوا بدورية حرس الحدود يتعامل المهربون معها بمهارة سواء بالهروب منها أم برشوتها ".
و يضيف نفس المصدر " أحيانا يتركك المهربون في صحراء قاحلة ويطلبون منك التقدم مشيا بعد أن يأخذوا ما لديك من أموال وقد يهاجمك بعد ذلك تجار البشر ويقتلونك وينقلوا بعض أعضاء جسمك".
وفي السياق نفسه ذكر سكان بعض القرى الحدودية بين مالي و الجزائر أنهم يجدون أحياناً جثثاً في العراء منزوعة الأحشاء.
كما ألقت دوريات حرس الحدود الجزائرية قبل فترة القبض على حاويات مبردة تحمل أعضاء بشرية مجمدة في طريقها للتهريب من مالي إلى ليبيا
و تعتبر ليبيا المعبر الأمثل في نظر هؤلاء المهاجرين الذين يتجمهرون في إن خليل المالية للوصول إلي أوروبا من شمال أفريقيا، عن طريق قطع البحر في اتجاه جزيرة لامبيدوزا الايطالية التي تقع بين مالطا وتونس و هذا ما يؤكده جبريل توري البالغ من العمر 30 سنة، وسبق له أن جرب الرحلة وسفرته السلطات الليبية مطلع عام 2013 إلى النيجير.
جبريل توري يعيش حاليا في إن خليل ويقضي كامل وقته في العمل الشاق ليجمع تكاليف سفره إلى ليبيا ثم من هناك سيبحث عن طريقة يلتحق بها بقوارب الموت.
ويواصل توري حديثة قائلا: "حتى وإن جمعت الملايين ستنفد قبل وصولك لأي مكان فالطريق طويل والسماسرة كُثر لكل واحد ثمنه، مثلا هنا في إن خليل تدفع 10000فرانك سيفا مقابل دخولك لها وللمواصلة إلى الجزائر تدفع أيضا للبوابات بغض النظر عن مصاريف النقل التي تُمثل العائق الأكبر أمامنا كمهاجرين".
وقد أقر قائد في الحركة الوطنية لتحرير أزواد التي تسيطر على المناطق الحدودية، طلب عدم الكشف عن هويته، بأنه "يوجد مئات المهاجرين في إن خاليل يدخلون ويخرجون دون معرفتنا لأنه يصعب على قواتنا السيطرة على نشاطهم غير الشرعي أو حصر أعدادهم بدقة، وذلك بسبب انتشار المهربين والانفلات الأمني في الحدود منذ أربع سنوات وهو الامر الذي ساعد على تفاقم الأزمة، بالرغم من الجهود المبذولة لإحكام السيطرة على النقاط الحدودية".