فاتالمودو جيتي تبلغ من العمر 56 سنة، وقد هربت إلى باماكو قادمة من غاو إثر سيطرة الميليشيات عليها يوم 31 مارس 2012. وعلى غرار العديد من النازحين، لم تجد فاتالمودو من يستقبلها في العاصمة. مما جعلها تضطر للعيش مع عائلتها المكونة من 14 فردا فيشقّةمكوّنةمن صالونوغرفة. تقول جيتي بمعنوية منخفضة: "نحن ننام هنا في هذا البيت الذي وجدنا صعوبات كبيرة في الحصول عليه؛ حيث إن مالكي البيوت يرفضون التأجير لنا قائلين إن عددنا كبير".
تحصل فاتالمودو جيتي على المبلغ اللازم للإيجار والطعام من حفلات الزواج والعقيقة؛ حيث تحكي كريمتها البكر آيساتا تراوري "تذهب العجوز إلى حفلات الزواجوالختان بمجرد أن تطلع عليها. وهنالك تتغنى بأمجاد أهالي العروسين، فيتسابق الحاضرون لإعطائها مبالغ مالية. وعندما تعود إلى المنزل ندفع ثمن الإيجار وقد نشتري ما تسنى لنا وقدندخر لعدة أسابيع". وتقول تراوري إن مبلغ الإيجار يصل إلى 40.000 فرنك غرب إفريقي60)يورو).
ويشكل تعليم الأطفال تحديا آخر أمام هذه الأسرة المكونة حصرا من النساء العاطلات عن العمل: "منذ مجيئنا إلى هنا لم يذهب أحد من أبنائنا إلى المدرسة. فقط في هذه السنة استطعنا إرسال أحد البنات إليها" تروي آيساتا.
ومع ذلك، فإن العديد من الجمعيات والمنظمات غير الحكومية ظلت، منذ بداية الأزمة، تجمع التبرعات باسم النازحين في جميع أنحاء البلاد. وتقول تراوري تاتوماتاديكو، مسؤولة محاربة أشكال العنف على أساس الجنس بمنظمة WILDAF بمالي: "بعد قيامنا بتحديد النازحين، قمنا بتوزيع تبرعات عليهم في ثلاثة مراكز للاستقبال. وقد استفادت منها كل النساء النازحات".
"ما أعرفه هو أنني شخصيا لم أحصل إلا على هاتف خلوي أعطتني إياه إحدى المنظمات الأهلية، لتتمكن من الاتصال بي عليه مرة كل شهر، وتسألني إن كان عددنا ازداد أم لا. باستثناء هذا فإني لم أحصل على شيء"تحتج فاتالمودو.
ونظرا للصعوبات التي يكابدنها في باماكو، لم تعد هؤلاء النسوة تتمنين إلا شيئا واحدا: العودة إلى ديارهن وذويهن. ورغم ذلك فإنهن يبقين خائفات من تراجع الأمن والاستقرار في شمالي مالي. وتصرح نازحة من تومبوكتو إلى باماكو، مُخْفِية هويتها خوفا من الانتقام: "لسنا واثقات من تماسك الأمن المشاع حلوله في منطقتنا. وحين يحل السلام سنعود إلى ديارنا؛ لأن الحياة ليست سهلة هنا بالمرة".
وعلى مستوى وزارة ترقية المرأة والطفل والأسرة، تم تنظيم أنشطة لمساعدة ضحايا الحرب من أجل تشجيع النساء على العودة إلى مناطقهن، إلا أنها اقتصرت على اللاجئين في الدول المجاورة. ويقول يربه تامبورا، المستشار المكلف بالجنس في الوزارة المذكورة: "نحن لا ندعم النسوة النازحات إلى باماكو. بيد أن اللائي عدن إلى مناطقهن حظين بفرصة الاستفادة من منح ومعدات للبستنة وآليات لتحويل المنتجات المحلية، في محاولة لدمجهن في الحياة النشطة".