لا ينفك سكان كيدال، الواقعة قرب الحدود الجزائرية على بعد 1.400 كم من العاصمة باماكو، عن الاحتجاج على الظروف المتردية لحياتهم اليومية.
لا يزال سكان شمال مالي يعيشون على وقع الخوف رغم مرور ما يقارب السنة على توقيع الإتفاق بين الحكومة و الجماعات المسلحة حيث يتضاعف عدد عمليات السطو المسلح و يرتفع نسق المواجهات العسكرية مما يزيد في قتامة المشهد.
كثفت الحركات الجهادية في مالي عملياتها خلال الأشهر القليلة الماضية مثل عمليات مهاجمة نقاط للجيش المالي ودوريات قوات برخان الفرنسية أو مراكز للقوات الإفريقية المتواجدة في مالي واقتحام مباني الفنادق الفاخرة التي يرتادها أجانب مما ساهم في بث الرعب و الخوف لدى المتساكنين.
أثرت الحرب بشكل كبير على تصريف شؤون مدن الشمال في مالي ففي عديد المحافظات بات من المستحيل تأمين أبسط المرافق العمومية مما أثر بشدة على المواطنين. هذه الوضعية الكافكاوية ناتجة خصوصا عن انهيار الخدمات الإدارية و فرار الموظفين العاملين في هذه المصالح خوفا من الإرهاب أو من الحرب المشتعلة بين المتمردين الطوارق و الجيش المالي.
بالرّغم من التواجد المكثّف للجيش المالي و لقوات البعثة الأممية لحفظ السلام في شمال مالي و بالرّغم من عملية برخان، فإن انعدام الأمن ما زال يقضّ مضجع الأهالي في تين بكتو حيث يقع الإبلاغ باستمرار في كل ضاحية من ضواحي هذه المدينة من شمال مالي عن عمليات اختطاف لمدنيّين و عسكريّين و عن عمليّات سرقة لسيارات و دراجات المتساكنين. و للتنديد بهذا الوضع الذي بات لا يحتمل، قرّر المئات من الشباب تنظيم تجمّع احتجاجي بساحة صانكور، في أحد الأحياء الثمانية التي تتكون منها المدينة و ذلك للمناداة بصوت واحد بتوفير حماية أكثر نجاعة للأشخاص و الممتلكات.
اتفاق السلام الموقع في 2015 بين الحكومة المالية و فصائل الطوارق المتمرّدة بدأت على ما يبدو تأتي أكلها إذ أن آلاف الماليين من أصيلي مدن الشمال و الذين هُجِّروا في 2012 بسبب الحرب الأهلية و الإرهاب قرّروا العودة إلى مدنهم. لكن هذه العودة لا تجري أمورها دون عوائق و لا مخاطر.
لئن تمكنت الحكومة المالية في 2012 بفضل "عملية سرفال" من استرجاع شمال مالي، فإن التهديدات الارهابية تبقى قائمة لتحوم كالغربان في سماء المنطقة. و بالرغم من أنهم أقل حضورا من الماضي، فإن المجموعات الارهابية الموالية لتنظيم القاعدة ما زالوا يهيمنون على العديد من المناطق.
منذ يوم 17 جانفي 2012 تشتعل نيران أزمة حادة في شمال مالي نجم عنها احتلال ثلاثة أقاليم هي تومبكتو و ڨاوو و كيدال من طرف الحركة القومية لتحرير الأزواد و حلفائها. خلال هذه الفترة سقط العديد من رجال الجيش المالي في جبهة القتال و اليوم تعيش أسرهم ممزّقة بين ألم الحِداد و الخوف مما يحمله غدٌ ليس من المؤكّد أن يكون أفضل.
مرّت اتفاقية السلام الموقّعة في 20 جوان بين الحكومة المالية والمجموعات المسلّحة إلى طور الإنجاز. و وقع تنظيم لقاءات اعلامية و تحسيسية حول محتوى هذه الوثيقة لفائدة الأهالي في مختلف أرجاء البلاد نشطت ضمنها نساء كيدال كثيرا لإشعار الأهالي بأهمية هذا الاتفاق.
ولضمان تطبيق هذه الاتفاقية، وقع انشاء لجنة متابعة للسهر على احترام التعهدات الموقع عليها و بالرغم من أن أشغال اللجنة وقع تعليقها في جوان بسبب تمثيلية أعضائها و في أوت بسبب استئناف الصراع بين الفصائل المسلحة بآنفيس، فإن مختلف الأطراف نجحوا أخيرا في التفاهم و تمكنت اللجنة من استئناف نشاطها في 30 سبتمبر المنصرم.
في يوم 15 ماي 2015 تم توقيع اتفاقية سلام بين الحكومة المالية و مختلف الفصائل المسلحة بشمال البلاد و من بينها خاصة تنسيقية حركات الأزواد و مجموعات الدفاع الذاتي بما فيها الطوارق و الأمغاد وحلفاؤهم. و قد خصّص الفصل الثامن من هذا الاتفاق إلى التجميع و الإدماج و نزع السلاح و التسريح و إعادة التأهيل و ذلك دون تحديد رزنامة لكل هذه العمليات. و قد شرعت بعثة الأمم المتحدة من أجل استقرار مالي في نهاية العام الجاري في عمليّة التجميع.
أصوات الكثبان هو مشروع معهد التنوع الإعلامي (MDI). يوفّر أصوات الكثبان تغطية شاملة وموثوق بها من عمق الصحراء حول النّزاعات والأمن و المرأة ، والشباب والعنف الاتني و الأقليات الدينية ، وغيرها من الإشكاليّات الشّبيهة، وذلك عبر ريبورتاجات تبلغ صوت الفئات المهمشة و السكان العاديين في الصحراء ، المنسيّين من قبل وسائل الإعلام التّقليدية .
لزيارة الموقع media-diversity.org